الحمد لله رب العالمين؛ هدى مَنْ شاء من عباده للإيمان والهدى، وضلَّ عن دينه وشريعته أهلُ الرَّدى، نحمده على ما هدانا، ونشكره على ما أعطانا، ونسأله الثبات على ديننا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أقام الحُجَّة على خَلْقِه، وبشَّر عباده وأنذرهم، وحذَّرهم من عداوة الشيطان لهم: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ] [فاطر: 6]، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ حرص على هدايتنا فنصح لنا وبلَّغنا، وعزَّ عليه عَنَتُنا فسلك سبيل اليسر بنا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومَنْ اتبع هداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصي نفسي وإيَّاكم - عباد الله - بتقوى الله تعالى وطاعته؛ فإن الأيام تمضي بكم إلى قبوركم، وإنكم مرتحلون من دنياكم إلى أُخراكم؛ ولن تجدوا أمامكم إلا أعمالكم؛ فاحذروا الاشتغال بما يفنى عمَّا يبقى، وتزوَّدوا فإن خير الزاد التقوى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112].
أيها الناس: النفاق داءٌ يفتك بالقلوب حتى ينقل أصحابها من الإيمان إلى الكفر، ومِن استحقاق الجنة إلى الدَّرَك الأسفل من النار، والمنافقون فتنةٌ تسري في الأمة للصدِّ عن دين الله تعالى، وإخراج أهل الإيمان منه، ومحاربة الحق ودعاته؛ وذلك ابتلاءً من الله تعالى وامتحانًا للعباد: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [الأنعام: 53]، وفي الفرقان: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} [الفرقان: 20]، وفي القتال {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: 4].
ومن أسلحة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]في الصدِّ عن دين الله تعالى: السخرية بالدين وأهله، ورفض أحكامه، وردُّ شريعته، والطعن في حَمَلَته ودُعاته؛ لتنفير الناس منهم، وتفريقهم عنهم.
وتلك هي طريقة المشركين القدماء؛ فإنهم اتخذوا السخرية بالنبيِّين وأتباعهم سلاحًا لهم؛ ليردُّوهم عن اتِّباع الحق، وليُبقوهم على الباطل؛ كما سخر قوم نوحٍ منه لمَِّا صنع السفينة، وسخر قوم لوطٍ منه وآل بيته لأنهم يتطهَّرون، وسخر أهل مكة بالنبي – [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] - حتى كانوا يضحكون ويتمايلون؛ {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 10].
بيد أن سخرية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بالدِّين وأهله أعظم من سخرية الكافرين، وأشد خطرًا على المؤمنين؛ لأن مَنْ أظهروا الكفر يعرفهم المؤمنون فيتَّقون شرَّهم، ويحذرون سخريتهم، ولا يقبلون قولهم، ويصبرون على أذاهم. أما سخرية المنافقين؛ فإن أكثر الناس لا يأبهون بها، ولا يحاسِبون أصحابها عليها، ولا يتَّخذونهم أعداءً، ولا يحذرونهم أو يحذِّرون الناس منهم؛ لأنهم يُظهرون الإسلام، وربما أتوا بشعائره الظاهرة، كما كان المنافقون في صدر هذه الأمة يصلون خلف النبي - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] - ويصومون، ويغزون معه، وهم يُبطنون الكفر.
والناس يقبلون من [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ما لا يقبلونه من الكافرين، ودليل ذلك: أن كفار أهل الكتاب في عصرنا لما سخروا بالنبي - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] - في رسومهم ومقولاتهم غضب الناس أشدَّ الغضب، ولكن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]والمرتدين كانوا - ولا يزالون - يسخرون بدين محمد - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] - الذي بلَّغه عن ربِّه، وبحَمَلَة هذا الدين وأتباعه، ويعلنون رفضهم التام لشريعته، ولا يحرك ذلك في الناس ساكنًا، وما ذاك إلا لأن الناس يتَّقون العدو الظاهر أكثر من اتِّقائهم للعدو الكامن.
وسخرية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بالدين وأهله أخبرنا بها ربُّنا - جلَّ جلاله - في مواضع شتى من كتابه الكريم؛ ففي سورة البقرة: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ} [البقرة: 13]، فوصفوا الإيمان بالسَّفَه! وجعلوا المؤمنين سفهاء!! وليس بعيدًا عن هذه المقولة مقولات منافقي عصرنا هذا، وكتاباتهم في صحفهم عن الإسلام وشريعته، ومَنْ يتمسَّكون بها، ويدعون الناس إليها: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14].
لقد كان منافقو عهد الرسالة يخبرون رؤوس الكفر من اليهود والمشركين بأنهم معهم، وأن إيمانهم جُنَّة يستترون بها، وأنهم يسخرون بالمؤمنين ويلعبون بهم، ويقع هذا في عصرنا؛ فإن منافقي العصر يتصلون برؤوس الكفر في هذا الزمان، ويروِّجون لمذاهبهم المادية المعارِضة للإسلام باسم التقدُّم والإصلاح، ويدعون الناس إليها على أنها الخلاص من مشاكلهم، ويطعنون في الشريعة وحَمَلَتها وأهلها، زاعمين أنها التخلُّف والرَّجعيَّة والظَّلاميَّة.
وسورة التوبة نزلت في غزوة (تبوك)، وسُمِّيَت الفاضحة؛ لأنها فضحت المنافقين، وهتكت أستارهم، وأظهرت مكنون قلوبهم: {يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} [التوبة: 64]. قال مجاهد - رحمه الله تعالى -: "يقولون القول بينهم، ثم يقولون: عسى الله أن لا يفشي علينا سرَّنا هذا". اهـ.
وقد أخبر الله تعالى فيها ببعض ما فعله المنافقون من السخرية بالدين وأهله: فلمزوا النبي - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] -: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58]، وسخروا بأصحابه - رضي الله عنهم - في تصدقهم بالقليل والكثير، كما في حديث أبي مسعودٍ - رضي الله عنه – قال: "لما نزلت آيةُ الصَّدقة كنَّا نُحامِل، فجاء رجلٌ فتصدَّق بشيءٍ كثيرٍٍ؛ فقالوا: مُرائي، وجاء رجلٌ فتصدَّق بصَاعٍ؛ فقالوا: إنَّ الله لَغنيٌّ عن صاع هذا! فنزلت: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 79].
ومَنْ رأى سخرية منافقي العصر بالعلماء والدعاة، ورجال الحِسْبَة، وحَلْقات تحفيظ القرآن، ودور التحفيظ النسائية، وكل مجالٍ من مجالات الخير والهدى - علم أن السخرية بالصلاح وأهله، والترويج للفساد وأهله سمةٌ من سمات [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]في كل زمن، لا تنفكُّ عنهم أبدًا.
وكان أعظم فَضْحٍ للمنافقين في سورة الفاضحة: حين سخروا بقرَّاء الصحابة - رضي الله عنهم - فكفَّرهم الله تعالى بذلك في قرآنٍ يُتلى إلى يوم القيامة؛ كما روى ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "قال رجلٌ في غزوة تبوك في مجلسٍ: ما رأينا مثل قرِّائنا هؤلاء أَرْغَب بطونًا، ولا أَكْذَب ألسنةً، ولا أَجْبَن عند اللقاء. فقال رجلٌ في المجلس: كذبتَ، ولكنك منافقٌ؛ لأخبرنَّ رسولَ الله - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]. فبلغ ذلك النبيُّ - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] - ونزل القرآن". قال عبد الله بن عمر: "فأنا رأيتُه متعلِّقًا بحقب ناقة رسول الله - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] - تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب! ورسول الله - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] –يقول: ((أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون! لا تعتذروا، قد كفرتم بعد إيمانكم))؛ رواه الطبري بسندٍ صحيح.
ومن يومها إلى اليوم؛ يقرؤها المسلمون ويسمعونها في مساجدهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِالله وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65-66].
وبناءً على هذه الآية - وما في معناها - انعقد الإجماع قديمًا وحديثًا على كفر مَنِ استهزأ بشيءٍ من دين الله تعالى، أو سخر من شخص لتمسُّكه بشعيرةٍ من شعائر الإسلام، لا يسخر به إلا لأجلها؛ كسخريتهم بالعلم، والحِسْبَة، وتحفيظ القرآن، وتدريس السنة، أو استهزائهم بإعفاء اللحى، وتقصير الثياب، واحتجاب المرأة.. ونحو ذلك.
وأقوال العلماء من شتَّى المذاهب الفقهية متضافرةٌ على ذلك: قال ابن نُجَيْم – الحنفي، رحمه الله تعالى -: "الاستهزاء بالعلم والعلماء كفرٌ".
وقال ابن العربي – المالكي، رحمه الله تعالى - في الكلام على سخرية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]في تبوك: "لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدًّا أو هزْلاً، وهو كيفما كان كفرٌ؛ فإن الهَزْل بالكفر كفرٌ، لا خلاف فيه بين الأمة".
وقال النووي – الشافعي، رحمه الله تعالى -: "والأفعال الموجِبة للكفر: هي التي تصدر عن عمدٍ واستهزاءٍ بالدين صريحٍ".
وقال ابن قدامة – الحنبلي، رحمه الله تعالى -: "مَنْ سَبَّ الله تعالى كَفَرَ، سواء مازحًا أو جادًّا، وكذلك مَنِ أستهزأ بالله تعالى، أو بآياته، أو برُسُله، أو كُتُبه".
وقال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "الاستهزاء بالقلب والانتقاص ينافي الإيمان الذي في القلب منافاةَ الضدِّ ضدّه، والاستهزاء باللسان ينافي الإيمان الظاهر باللسان كذلك".
نسأل الله تعالى أن يحفظنا والمسلمين من النفاق وأهله، وأن يُحبِط كيدهم، ويُبطِل سعيهم، ويكفي الأمة شرَّهم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ}[المطَّففين: 29 - 30].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية
الحمد لله، حمدًا طيبًا كثيرًا مبارَكًا فيه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
أيها المسلمون: تحالفُ أهل الكفر والنفاق ضد المسلمين قديمٌ قِدَمَ الإسلام؛ لأنهم لم يرتضوا دينهم، فلن يرضوا عنهم، وما يقوم به المنافقون من السخرية بالدين وأهله هو من جملة الأذى الذي يؤجَر عليه المؤمنون، والواجب عليهم الثبات على دينهم، وألاَّ تزحزحهم سخرية الكافرين والمنافقين بهم عن هذا النور الذي هداهم الله تعالى إليه؛ فإنهم لن يضرُّوهم إلا أذًى، وقد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: {وَلَا تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى الله وَكَفَى بِالله وَكِيلًا} [الأحزاب: 48].
والصبر عليهم، وعلى أذاهم وسخريتهم، مع التقوى واليقين - سببٌ للتمكين: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لله يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، وأُمِرَ بذلك نبيُنا محمد - [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] -: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} [الرُّوم: 60]، وفي الآية الأخرى: {فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49].
كما يجب على المؤمنين عدم موالاة المستهزئين بدين الله تعالى، ولو كانوا أقرب الناس إليهم؛ لأن الله تعالى نهى المؤمنين عن اتخاذهم أولياء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57].
ولا يجوز حضور مجالسهم التي يسخرون فيها من دين الله تعالى، إلا على سبيل الإنكار عليهم، وردِّهم عن غيِّهم: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68]؛ فنهى الله تعالى عن القعود معهم بعد هذا التحذير والتَّذْكير، وسمَّاهم: (ظالمين)!
وأمَّا مَنْ حضر وسكت؛ فهو كَمَنِ استهزأ بنصِّ القرآن؛ كما [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140].
وأقبح من ذلك: الدفاع عنهم، والاعتذار لهم، وتأويل أقوالهم؛ فإن فيه إعانةً لهم على ظلمهم ونفاقهم وإجرامهم، وقد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105]، وفي الآية الأخرى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107].
أيها الإخوة المؤمنون: لقد عوَّدنا فَسَقَة الإعلام ومجرموه في كل رمضانٍ جديد على صنع مسلسلات ومشاهد يسخرون فيها بدين الله تعالى، وشعائره الظاهرة، وأحكامه المنزَّلة، ويصوِّرون للمشاهدين حَمَلَة الدين ومبلِّغيه، والمتمسكين به، والدَّاعين إليه، والمدافعين عنه - في أبشع الصُّوَر وأحطِّها، وهذا من الغيظ الذي امتلأت به قلوبهم على الإسلام وأهله، ويأتي ذلك في سياق الحملة العالمية التي تآزر فيها الكفر مع النفاق لإجهاض الإسلام، والحدِّ من انتشاره في الأرض: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ} [التوبة: 32].
وهو حِلْفٌ شيطانيٌّ، اجتمع فيه أهل الضلال والبدعة مع أهل النفاق والرِّدَّة، ومن ورائهم كفار أهل الكتاب... اجتمعوا على أهل السنَّة، وإلا فإنهم على مدار السنوات الماضية لم يسخروا في مسلسلاتهم الرمضانية من كافرٍ لكفره، ولا من مبتدِعٍ لبدعته، ولا من مرتدٍّ لردَّته، مع ما عند الكفار والمبتدِعة والمرتدِّين من الأفكار والأعمال مما هو موضعٌ للنَّقْد والسخرية والاستهجان!!
والعجب كل العجب من صائمين قائمين، يفطرون - حين يفطرون - على مشاهد يُسخَر فيها بدين الله تعالى، وهم يقرؤون في القرآن أن الجالس معهم مثلهم: {إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140]!!
فالحذر الحذر يا أهل الصيام والقيام، ويا روَّاد المساجد، وقرَّاء القرآن - من هذه المشاهد التي وصلت إلى بيوتكم عبر الإعلام الفاسد المفسِد؛ فإن المسألة عظيمةٌ خطيرةٌ؛ إنها مسألة إيمانٍ ونفاق، والراضي فيها كالفاعل، وأيُّ رضا أبلغ من الإفطار عليها في كل يومٍ من هذا الشهر الكريم!
إياكم إياكم أن تتنعَّموا برزق الله تعالى لكم في كل يوم تفطرونه وأنتم تأنسون بما يُعْرَضُ في الشاشات من السخرية بدينه - عز وجل - وتشاهدون الاعتراض على شريعته، والاستهزاء بعباده الصالحين؛ فإن ذلك من محادَّة الله تعالى ومعاداة أوليائه، ومَنْ عادى لله تعالى وليًّا فقد بارزه بالمحاربة: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الخِزْيُ العَظِيمُ} [التوبة: 63].
ويُخشى على مَنْ أَلِفَ هذه المجالس أن يزيغ قلبه، ويفقد إيمانه؛ فإن زيغ القلوب يكون بزيغ العباد عن الحق: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ} [الصَّف: 5]، وأيُّ زيغٍ أعظم من الأنس بمسلسلات يُسخَر فيها من دين الله تعالى، ومن عباده الصالحين!
ولا يغرنَّكم كثرة المتساقطين في هذا الإثم والضلال، فإنَّ أهل الباطل أكثر من أهل الحقِّ، كما أن أصحاب الجنة أقلُّ من أصحاب النار؛ قال الحسن البصري - رحمه الله تعالى -: "لو كان للمنافقين أذنابٌ؛ لضاقَت بكم الطُّرُق". اهـ.
وصلوا وسلموا على نبيِّكم ...
الملاك البرىء
{{ قسامي ملكي }}
الجنس : المزاج : الهواية : الدعاء : عدد المساهمات : 5389عدد النقاط : 6259تاريخ التسجيل : 27/04/2010
موضوع: رد: صفات المنافقين الخميس 17 يونيو 2010, 10:31
سلمت يداك اختي دموع على الطرح الرائع
جزاك الله خيرا دمت بود
ابنة غزة الحبيبة
{{ قسامي لامع }}
الجنس : المزاج : الهواية : الدعاء : عدد المساهمات : 2946عدد النقاط : 3118تاريخ التسجيل : 29/04/2010
موضوع: رد: صفات المنافقين السبت 26 يونيو 2010, 10:00
شكرا لمرورك الرائع اختى اسيرة
دمت بود تحيتى لك
القعقاع
{{ المشرف العام }}
الجنس : المزاج : الهواية : الدعاء : عدد المساهمات : 2564عدد النقاط : 3132تاريخ التسجيل : 26/06/2010
موضوع: رد: صفات المنافقين الأحد 27 يونيو 2010, 06:22
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
اجارنا الله واياكم من النفاق واهله
تحياتي
ابنة غزة الحبيبة
{{ قسامي لامع }}
الجنس : المزاج : الهواية : الدعاء : عدد المساهمات : 2946عدد النقاط : 3118تاريخ التسجيل : 29/04/2010
موضوع: رد: صفات المنافقين الأحد 27 يونيو 2010, 12:53
شكرا على مرورك الكريم اخى الكريم
اسعدنى مرورك
دمت بود
عاشق غزة الصمود
{{ المراقب العام }}
الجنس : المزاج : الهواية : الدعاء : عدد المساهمات : 1970عدد النقاط : 4027تاريخ التسجيل : 02/05/2010
موضوع: رد: صفات المنافقين الإثنين 28 يونيو 2010, 09:10
اعاذنا الله وإيّاكم من هذه الآفة الخطيرة
اختي دموع غزة .. بارك الله فيكِ
وفي تلك النامل التي سطَرَت الكلمات والجمل
في ميزان الحسنات بحول الله تعالى
ابنة غزة الحبيبة
{{ قسامي لامع }}
الجنس : المزاج : الهواية : الدعاء : عدد المساهمات : 2946عدد النقاط : 3118تاريخ التسجيل : 29/04/2010
موضوع: رد: صفات المنافقين الثلاثاء 29 يونيو 2010, 09:22
اسعدنى مرورك الكريم
اخى عاشق غزة
دمت بود
تحيتى لك
ضيف المعارك
{{ المراقب العام }}
الجنس : المزاج : الهواية : الدعاء : عدد المساهمات : 6768عدد النقاط : 8535تاريخ التسجيل : 24/04/2010
موضوع: رد: صفات المنافقين الثلاثاء 29 يونيو 2010, 10:04
جزاكى الله خير الجزاء اختى دموع الورد
واعاذنا الله واياكم من اخطر الامراض وهو النفاق
دمتى بود اختى دموع
ابنة غزة الحبيبة
{{ قسامي لامع }}
الجنس : المزاج : الهواية : الدعاء : عدد المساهمات : 2946عدد النقاط : 3118تاريخ التسجيل : 29/04/2010
موضوع: رد: صفات المنافقين الثلاثاء 29 يونيو 2010, 12:06