على باب المحكمة و قف الحاجب و نادى:
قاضي العدل قادم فقفوا يا ساده.
وقف الجميع للقاضي الذي كسب احترامه و جلس و قد ملئ مكانه .
و عاد الحاجب ينادى على صاحب القضية:
القضية رقم 1/1948
وقفت بكل عز أمامه و بكل فخراً فرضت الإجلال .
قال القاضي: للتسجيل قولي الاسم و العمر و السكن.
قالت و صوت العز يرن بمهابة:
اسمي : فلسطين أمٌ للملايين .
عمري: من عمر العز و الجرح النازف .
سكني : أعيش في قلب كل عاشق .
القاضي: أمي فلسطين، على من تشتكين ؟ أعلى اليهود وأمريكا الضالون؟.
فلسطين: لا سيدي القاضي بل أشتكي على أشقائي و أبنائي.
القاضي: أمي فلسطين الحبيبة، أعلى أبنائك و أشقائك تشتكين ؟ و تتركين من هم عن البلاء مسؤلون ، أمها هل تعقلين ما تقولين ؟؟؟
فلسطين : أجل سيدي القاضي ...أشقائي تركوني وحيده في ظل الهجمة الهمجية
... قطعوني ... و طعنوني ... سرقوني...اغتصبوني ... و دنسوا ارضي ... و هم
إخواني ظلوا ساكنين ... يبنون و يعمرون و يصافحون أيدي بني صهيون ...
يتاجرون بدمي و يشترون رصاص قتلي ...إخواني باعوني و تركوني أنزف و احتضر
... أصبحت اليتيمة و الثكلى و الاسيره ... و أين هم ؟؟؟ يتجاهلون الصراخ و
النداء و العويل ... سكتوا على ظلماً ذقته و تجرعته علقماً و مراً و هم في
غفلتهم غارقين في صمت رهيب ... قلبي مفطور و صوتي مجروح و الجرح كبير ،
وهم هناك يلعبون مع المارد الكبير و يقبضون ثمن صمتهم العميق .
القاضي : أمي الحبيبة فلسطين ، و لما على أبنائك تشتكين و هم معك في الجرح يعيشون و ليسوا معهم في الخارج يلهون ؟؟؟
فلسطين : أبنائي ؟؟؟ ... آه من أبنائي ، هم في داخلي يقتتلون ... يرفعون السلاح بوجوه بعضهم ... يتناحرون ....
يتذابحون ... أخ قتل أخاه ... ثكَل و رمَل أمه ... يتَم طفله ... يا ويلي
لما يفعلون ... و من أجل مقاعد الدنيا يموتون ... و نسوا مقاعد الجنة التي
هم يوعدون .
عجبي منهم ... يصبون الرصاص بجسدي ... يقطعون ذراعي ... يشلون قدمي ...
يعمون بصري ... و نسوا العدو المتربص بي ، و الذي يسكني ، و هم بني صهيون
يتفرجون على أبنائي و هم يذبحوني .
القاضي : أمي الحبيبة أتبكين ؟؟؟ و من دموعك الغالية تسكبين ؟؟؟
فلسطين : بني ، قلبي الأقصى في عويل ، يتألم ، فهل من مغيث ؟؟؟ أشقائي و
أبنائي عني و عنه مشغولون ...الأقصى يأن و هم لا يسألون ... بربي ماذا
يفعلون ؟؟؟... جدرانه تهدمت... أركانه تشققت ... و ليس هناك من سميع ...
ضيعوا حق الله ... و ما زالوا في سبات عميق .
القاضي : يا أمنا فلسطين لا أدري ما تبغين و أي حكم تقبلين...أ أحبسهم هل ترضين ؟؟؟
فلسطين : لا بني ... لا أقبل أن يهانوا ، هم أحبابي و قلبي و أمل الأقصى
الجريح و هم طريق الحرية و التطهير و بهم يعود صوت الأذان ليصدح بدل صوت
البنادق و الرصاص .
القاضي : أمي فلسطين ، ماذا تريدين قد احتار الفكر و ضاع الحكم مني ، فدعواك لا تحتاج قاضي ، بل تحتاج إلى صحوة ضمير .
فلسطين : يا بني الحبيب ، أردت أن أطلق صرخة ، قد يصحوا الضمير و عسى أن
تعود أنت و أشقائي و أبنائي في ساحات الأقصى ترددون نداء الحق ( الله أكبر
) ، و أنا لهذا اليوم في شوق كبير .